لماذا يعود الأطباء العرب إلى الوطن العربي بعد التخصص الطبي في الغرب؟ الأسباب الكاملة

• مقدمة

تُعد ألمانيا واحدة من أكثر الدول جذباً للأطباء العرب، خصوصاً الراغبين في التخصص الطبي والعمل ضمن نظام صحي متطور يوفر فرصاً واسعة للتعلم والممارسة. ومع ذلك، يلاحظ أن عدداً غير قليل من هؤلاء الأطباء، بعد سنوات من التخصص والخبرة سواء في ألمانيا أو غيرها من الدول الغربية، يقررون العودة إلى أوطانهم في العالم العربي.

هذا القرار لا يأتي من فراغ، بل هو نتيجة لتفاعل معقد بين مجموعة من العوامل المهنية، الثقافية، الاجتماعية، المادية، والنفسية، التي تشكل معاً تجربة الاغتراب الطبي بكل أبعادها.


• الأسباب:


– الأسباب المهنية

  • الضغط الإداري المبالغ فيه: النظام الصحي يفرض توثيقاً دقيقاً وبيروقراطية كبيرة، تجعل الطبيب يقضي وقتاً طويلاً في الأعمال الورقية بدل التفاعل المباشر مع المرضى.
  • الإرهاق الوظيفي: ساعات عمل طويلة، ضغط شديد، نظام مراقبة للإنتاجية المستمرة، ما يؤدي إلى إنهاك جسدي ونفسي وفقدان الحافز.
  • غياب المرونة: العمل يخضع لقواعد صارمة لا تتيح للطبيب حرية اتخاذ القرار كما يرغب.
  • تقدير أكبر في الوطن: في العالم العربي، غالباً ما يُنظر إلى الطبيب المتخصص في الغرب نظرة احترام كبيرة، وتُفتح له أبواب المناصب والفرص الأكاديمية بسرعة أكبر مما هو الحال في الغرب.
  • تشابك العلاقات المهنية والإنسانية في الوطن: الرغبة في بناء شبكة علاقات مهنية (Networking) أسرع وأكثر فعالية تعتمد على المعرفة الشخصية والثقة المتبادلة
  • سقف التخصصات النادرة المتاح للأجانب: الشعور بأن الأطباء الأجانب، وخاصة العرب، يواجهون صعوبة أكبر في الوصول إلى التخصصات الفرعية “Super-Specializations” أو المراكز المرموقة، حيث تُمنح الأولوية للألمان في أغلب الأحيان.

– الأسباب الثقافية والقيمية

  • الفجوة الثقافية: رغم سنوات من الاندماج، يشعر كثير من الأطباء العرب أن المجتمع الغربي لا يعكس هويتهم الثقافية والدينية.
  • تربية الأبناء: القلق من ضياع اللغة العربية أو الهوية الإسلامية يدفع العديد للتفكير بالعودة.
  • القيم الأسرية: في الوطن العربي، العلاقات الاجتماعية أكثر دفئاً وتلاحماً، وهو ما يفتقده الأطباء في الغرب.
  • الرغبة في التأثير على النظام الصحي الوطني: دافع ذاتي وإنساني للعودة والمساهمة في تطوير النظام الصحي في بلدانهم، تطبيقاً للخبرات المكتسبة بدلاً من مجرد ممارسة مهنة في نظام صحي مكتمل.

– الأسباب الاجتماعية والعائلية

  • العزلة الاجتماعية: الحياة في الغرب غالباً ما تكون رسمية وباردة اجتماعياً، ما يولد شعوراً بالوحدة.
  • الالتزام تجاه الأهل: الواجب الثقافي والديني لرعاية الوالدين وكبار السن عامل حاسم.
  • الحنين للوطن: بعد سنوات من الغربة، يصبح القرب من العائلة والمجتمع المحلي هدفاً أهم من أي منصب وظيفي.
  • ليس كل الأشخاص يتحملون الغربة
  • تشجيع الأطفال على التمرد على الأهل؟

– الأسباب المادية والاقتصادية

  • الضرائب المرتفعة: نسبة الضرائب الكبيرة في الغرب تحدّ من الدخل الصافي.
  • ارتفاع تكاليف المعيشة: السكن، التعليم، الرعاية اليومية للأبناء تُشكل أعباءً ثقيلة.
  • فرص أفضل في الوطن: فتح عيادة خاصة أو العمل في مستشفى خاص قد يمنح الطبيب دخلاً أعلى مقارنة بتكاليف الحياة اليومية.
  • صعوبة امتلاك أو شراء سكن: في المدن الألمانية الكبرى، يصبح امتلاك منزل أمراً شبه مستحيل بالنسبة لكثير من الوافدين بسبب ارتفاع الأسعار وشروط التمويل الصارمة، بينما قد تكون الفرصة أسهل في أوطانهم.

– الأسباب والاندماجية

  • حواجز اللغة: رغم تعلم الألمانية، يبقى التفاعل مع المرضى والزملاء تحدياً بسبب اختلاف اللهجات والثقافة.
  • ضعف فرص القيادة: الترقي الأكاديمي والمهني غالباً ما يفضل الأطباء المحليين.
  • تمييز خفي: صعوبات تتعلق بالممارسات الدينية أو الثقافية تولّد شعوراً بعدم الانتماء.

– الأسباب الدينية

  • جو غير إسلامي
  • موضوع الحجاب والنقاب
  • تعليم الأطفال في المدارس عن المثلية

– الأسباب الإدارية والقانونية

  • إجراءات مرهقة لمعادلة الشهادات: طول فترة الانتظار، التعقيدات البيروقراطية، وتفاوت القوانين بين الولايات.
  • العقود المؤقتة: كثير من الأطباء يعملون بعقود محدودة المدة دون أمان وظيفي حقيقي.

– الطقس والمناخ

عامل المناخ والطقس: التأثير السلبي للمناخ البارد أو قلة أشعة الشمس في الغرب على الصحة النفسية والجسدية (مثل الاكتئاب الموسمي)، وهو ما يمثل دافعاً للعودة إلى بيئة مناخية أكثر دفئاً.


– الأسباب النفسية والإنسانية

  • الغربة المستمرة: الشعور بأن الطبيب “غريب” مهما طالت سنوات إقامته.
  • فقدان الجانب الإنساني في المهنة: التركيز على الأرقام والكفاءة يضعف الجانب العاطفي والإنساني للعلاقة مع المريض.
  • الحاجة للانتماء: العودة للوطن ليست مجرد انتقال جغرافي، بل بحث عن مكان يشعر فيه الطبيب أنه جزء من المجتمع بعمق.

الأسباب الدينية

قيم الدين الإسلامي: الحجاب، التدريس عن المثلية


• خلاصة

قرار عودة الأطباء العرب من الغرب ليس مجرد خطوة عاطفية، بل هو نتاج تجارب تراكمت عبر سنوات من العمل في بيئة مختلفة. مزيج من الضغط المهني، الفجوة الثقافية، ارتفاع تكاليف المعيشة، صعوبات الاندماج، والمسؤوليات العائلية يجعل العودة إلى الوطن خياراً منطقياً ومليئاً بالمعنى.

إنها رحلة من الاغتراب إلى الانتماء، ومن النظام الصارم إلى الإنسانية الرحبة. حين يجتمع العلم الذي اكتسبه الطبيب في الغرب مع القيم الإنسانية والثقافية في وطنه، تكون النتيجة طبيباً أكثر نضجاً وثراءً — يجمع بين الكفاءة الحديثة والالتزام العميق بخدمة مجتمعه.

أكتب تعليق